مقدمة عن تحليل إشارة البومة ودلالاتها بالتفصيل
قبل الخوض في تحليل رمز البومة أو إشارة البومة بدون الدخول في فلسفات التحليل المتغيرة
فلا بأس بأن نذكر بأن منطق تحليل الإشارة يستند لأسس فولكلورية عريقة تتوافق مع المعتقد والحضارة كرمزية
قبل الخوض في فهم الأبعاد الماورائية التي قد تتناسب مع طبيعة الأرض وتحترم شروط المقومات الجغرافية وفلسفة العقل البشري
في خلق الألغاز التي يشوبها الغموض النسبي ، فكل شيء ممكن والعلم بيد الواحد الأحد .
عبر سنين طويلة وحقب متتالية وثقافات عدة كان ينظر إلى طائر البوم برهبة وخوف شديد وأحيانا باحترام تام
انطلاقا من المعتقدات المثوارثة والمتناقضة في نفس الوقت تلت مختلف الديانات فالبوم كطائر كان ينظر إليه تارة نظرة شؤم
لأن المعتقد كان له ارتباط بالموت والسحر والإحتقار
وتارة كان ينظر إليه بإيجاب لأن المعتقد له صلة بالطب والطقس والخصوبة والحكمة ،
الشعوب الهندية واليونانية المبكر تمثلة البوم في لعب دور الحكمة والنبوئة والخير حتى حلول فترة العصور الوسطى في أوروبا ،
إذ عرف هذا المعتقد تحول جذري من الإيجابي نحو السلبي .
بحيث تمثلت البوم كرمز للسحر والشعوذة صاحب كل من السحرة وسكان الأماكن المظلمة
ومثل الشبح الذي ينذر الناس بالخطر والموت الوشيك ، لكن خلال القرن الثامن عشر بدأ العلم في تفصيل الجوانب الحيوانية
للبوم من خلال المراقبة المستمرة والدقيقة لتندثر بذالك الخرافات بشكل ملحوظ خلال القرن العشرين .
البوم في الأساطير اليونانية والرومانية :
في الأساطير اليونانية القديمة ولد مفهوم جديد لطائر البومة أضفى عليها جانبا إيجابيا مقبولا
و خصوصا خلال القرن الخامس قبل الميلاد (499 قبل الميلاد) ،
إذ تأثرت بها آثينا آلهة الحكمة وبمظرها الجميل والمزخرف بعدما تخلصت من طائر الغراب المشؤوم
والذي كان كذالك يتمتع بريادة محترمة سابقا .
و كان اليونانيون القدامى يعتقدون بوجود نور ضوئي بداخل هذا الطائر وهو الذي يمنحه رؤيا ليلية واضحة
ما عزز لديهم مكانة المعتقد الأسطوري المتوارث إلى حين ظهور الحظارة الرومانية
إذ منح هذا الطائر مكانة كبيرة في الأكروبوليس و الذي عمرته بشكل ملحوظ وبأعداد كبير جدا ،
وتلخصت جوانب البومة الإيجابية في منح الحماية خلال الحروب بعدما كانت ترافق الجيوش اليونانية الغازية
وتحلق فوق رؤوسهم قبل نشوب المعارك لظمان النصر وإلحاق الهزيمة بالأعداء ،
كما اعتبرت مصدر إلهام في حياتهم اليومية ومصدر خير وبركة ،
ما أغنى لديهم هذا الفولكلور الشعبي وأعطاه طابع جد مبالغ فيه وخصوصا بعدما تم سك العملات المعدنية
بصورة البومة من جهة وصورة آثينا من جهة أخرى ،
حيث تجسدت فيه البومة كجانب حميد في المجال التجاري الذي يضمن الرخاء والإزدهار
لكن بعد ظهور الحضارة الرومانية اعتبر هذا الطائر نذير شؤم وفتنة وخطر حتى على بعض الآلهات كبروسيربين
والتي تم نقلها إلى العالم السفلي بدون إرادتها من طرف بلوتو إلاه العالم السفلي ،
ومن بين هذه المعتقدات كذالك والتي واكبت الحقبة الرومانية هو أن السحرة تحولوا من بشر إلى بومة
وأصبحوا يمتصون دماء البشر ،
كما اعتبر صوتها بمثابة خطر ينذر بالموت وخصوصا خلال الحروب الرومانية وتمدد الإمبراطورية ،
من هنا نفهم بأن المعتقد الذي تلى فترة الإمبراطورية الرومانية أضفى سمة الخطر على رمزية البومة كشعار
وكمعتقد للعالم السفلي كذالك ، وللسحر والشعوذة والشر بشتى أشكاله وأنواعه ،
وهذا المفهوم الكلاسيكي تمدد عن طريق اللسان وتبلور من معتقد وأساطير خرافية ليصبح محاكي للحقيقة والصدف ،
بحيث بلغ هذا المعتقد أوروبا وأمريكا وأفريقيا حاملا معه طابع القبول والرفض مع بعض الإضافات الزائدة
لنصوص الأساطير اليونانية والرومانة ، لكن المهم في هذا الموضوع هو أن طائر البوم في اليونان القديمة
كان مرتبط ارتباط وثيق بآلهة الحكمة ومصدر للرفاهية والرقي التجاري والإزدهار وكذالك القوة ،
لكن بعد توالي الحقبة الرومانية أصبح طائر البوم يحاكي الشؤم والبؤس والشعوذة والموت والعالم السفلي المظلم ،
من هنا نستخلص بأن إشارة البومة في النقوش الصخرية إذا كانت تابعة لليونان فهي إشارة غنية وملكية إلى حد ما ،
ولكن إذا رافقت الإشارة حقبة الرومان فهي كذالك لاكن يتوجب توخي الحيطة والحذر لما تحمله من مخاطر رافقت المعتقد .
تحليل إشارة البوم :
طبعا إشارة البوم مثل باقي الإشارات الأخرى من حفر ونفر ومجسمات وتركيب صخري وتوضيف ونحت وغيرها ،
وتحليلها كذالك يستوجب منك فلسفة دقيقة تحاكي منطق تحليل الإشارات انطلاقا من الرمزية والوسط الجغرافي
والأبعاد والحظارة والمعتقد والوضيفة الموكلة لها ،
لكن المميز في هذه الإشارة أنها ناذرة جدا وقد تكون محسوبة على أطراف الأصابع ،
ما يعطيها قيمة بالغة ويجعلها مميزة وغنية من حيث المحتوى إن كانت رمزيتها للدفن
وإخفاء المقتنيات أو لتكملة الطقوس الجنائزية الملكية للإرتحال إلى العالم السفلي .
وممكن ان نراها على الصخور الشاهقة وداخل المغر و وعلى ابوابها
بينما يحتمل أن تكون الإشارة في نفس الوقت نذير شؤم لمنطقة عمرتها الأرواح الشريرة أو قبر ساحر
أو لتخليد ذكرى لمعركة دموية خلت رافقتها البومة كنذير شؤم أو ونذير حظ ولا علاقة لها بالكنوز ،
كل هذه الأمور يجب وضعها بعين الإعتبار والعلم لله الواحد الأحد .
وإشارة البوم كما سبق وقلنا أنها مثل باقي الإشارات الأخرى فقد تكون تثبيت أو توجيه أو للإيحاء فقط
لذالك يجب دراسة البعد الجغرافي أولا ثم تبعيات الإشارة للتوجيه فمثلا قد نصادف طبيعة مستوية
وبها صخرة ممتدة على الأرض تحمل إشارة البومة ،
أول شيء قلنا سنركز عليه وهو طبيعة الأرض المستوية والإختلاف الغير طبيعي
وهل هذا الإختلاف إن وجد فعلا هل يحاكي نظر البومة أو اتجاه الرأس أم لا ،
وما وضعية البومة هل هي حاظنة أم واقفة أم مبتورة الرجل ،
ثم بعد ذالك نفحص الصخرة الحاظنة لكشف تبعيات الإشارة الأخرى من سيال أو بصمة أو جرن فقط لتحديد الإتجاه
أو لمعرفة نوع الدفين ما إذا كان قبر أو سرداب أو غرفة ،
كما سنركز كذالك على القص الصخري فقط لتأكيد المدخل والتثبيت إلى أن نتمكن من
جمع كافة المعلومات الكافية والمطلوبة لحل الأحجية ،
وغالبا ما تكون الأهداف في الأماكن المستوية والمنبسطة عبارة عن قبور أو ودائع صغيرة أو غرف مدفنية
أو حتى ممرات وأنفاق ،
وهذا الموضوع سنفصله في طرح قادم إنشاء الله ، فقط لتتمكنوا من معرفة نوع الأهداف التي تتعاملون معها بإيجاز
مجسم البوم :
البوم كطائر ليلي يتخذ أماكن عديدة للإستقرار ، ومن بين هذه الأماكن نجد الجروف والرجوم الصخرية والمنازل المهجورة
وأحيانا في أوكار بداخل الكهوف ، لذالك فهو طائر يعشق الأماكن الصخرية سواء المنبسطة أو المرتفعة منها ،
فأحيانا قد نجد مجسم لبومة فوق تل أو جرف صخري ينظر نحو الأسفل . نفس الشيء ينطبق على هذا النوع من التضاريس
ونفس الشيء ينطبق كذالك على مدلول الإشارة ووضعيتها ، فالأماكن الصخرية غالبا ما تكون الأهداف بها عبارة عن سراديب وأنفاق أو قبور جماعية أو رانات أو قبور صخرية أو حتى غرف تكنيزية ،
لذالك فمجسم البوم يلوح للأفق بكل ما تحمله الإشارة من معنى
هنا ندرس الوضعية ومرافقات الإشارة وزاوية الرؤيا لربما تكون عقائدية ،
فمجسم البوم وهو في وضعية انقضاض ليس هو البومة الحاضنة أو البوم في جاهزية للطيران ،
هنا يتحول المدلول من تثبيت إلى توجيه بحسب زاوية الرؤيا والإتجاه العقائدي ربما ،
وزاوية الرؤيا هذه هل تصيب أي اختلاف طبيعي أم لا ،
ثم ننتقل إلى الإشارات الثانوية كالجرون الجانبية أو البصمات أو السيالات لتأكيد الإتجاه وما إلى ذالك
المهم في مقال اليوم وهو أن إشارة البوم يقتصر تحليلها على المكان والوضعية ومرافقاتها كباقي الإشارات الأخرى
لكن في ذات الوقت يجب توخي الحيطة والحذر وخصوصا إن كانت الإشارة تابعة للرومان والله أعلى وأعلم .
دمتم بخير والى لقاء قريب بحول الله